الدوحة – قطر
قال التحليل الاقتصادي لمجموعة QNB إن البيانات المتعلقة بالناتج المحلي الإجمالي أظهرت تباطؤا أسوأ من المتوقع في النشاط الاقتصادي للولايات المتحدة في الربع الأول من عام 2015 في الوقت الذي استأنف فيه سوق العمل انتعاشه القوي بعد الركود المؤقت في شهر مارس وهو ما قلل مخاطر تمدد التباطؤ الاقتصادي إلى ما بعد الربع الأول.
وأوضح التحليل الأسبوعي الصادر أمس، أن الأسبوعين الماضيين شهدا صدور بيانات اقتصادية هامة في الولايات المتحدة الأمريكية تمثلت في تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للربع الأول من عام 2015، وبيانات التجارة الدولية التي تعتبر ذات أهمية لتوقع التعديلات اللاحقة على بيانات الناتج المحلي الإجمالي، وبيانات سوق العمل لشهر أبريل.
وأضاف، أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة نما بنسبة 0.2 في المائة فقط في الربع الأول من عام 2015، أي أقل من النسبة المنخفضة التي توقعها معظم المراقبين للنمو عند 1.0 في المائة وهو ما يمثل تباطؤا كبيرا بالمقارنة مع الربع الرابع من عام 2014، الذي شهد فيه الاقتصاد نموا بنسبة 2.2 في المائة.
ولفت إلى أن التجارة كانت السبب الرئيسي للتباطؤ، حيث عملت على تقليص 1.3 نقطة مئوية من النمو بسبب التأثير السلبي لارتفاع قيمة الدولار الأمريكي على صافي الصادرات، فيما قلص الاستثمار في الهياكل غير السكنية 0.4 نقطة مئوية أخرى من النمو، وذلك في الأساس نتيجة لخفض الاستثمار في قطاع النفط والغاز استجابة لانخفاض أسعار النفط.
ولم يظهر التأثير الإيجابي المتوقع من تراجع أسعار النفط على الاستهلاك الشخصي، فقد تباطأ الإنفاق الإستهلاكي على الرغم من المكاسب الكبيرة في مجال التوظيف وارتفاع الأجور الحقيقية والزيادة في ثقة المستهلك.
ورأى علاوة على ذلك أن من المحتمل أن يتم خفض تقديرات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول، وربما إلى نسبة سلبية، مبينا أن الإصدار الأول من بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي يستند إلى بيانات غير مكتملة وعادة ما يخضع لتعديلات جوهرية.
وقال إنه منذ إصدار التقديرات الأولية للناتج المحلي الإجمالي، توفرت بيانات التجارة الدولية لشهر مارس لكي تظهر عجزا تجاريا أوسع من ذلك الذي كان متوقعا في التقديرات الأولية للناتج المحلي الإجمالي، وكان نمو الصادرات أيضا أقل من المتوقع، مع استمرار العبء الناتج عن ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي.
بينما فاق نمو الواردات التوقعات حيث أدى فض الإضرابات العمالية في موانئ الساحل الغربي في فبراير إلى زيادة أنشطة الاستيراد في مارس، في الوقت الذي تشير فيه أرقام التجارة إلى أن التقديرات الثانية للناتج المحلي الإجمالي ستُظهر تقلصا صغيرا في الربع الأول عندما يتم إصدارها في 29 مايو الجاري.
وذكر تحليل QNB أنه على الرغم من الضعف الواضح في الاقتصاد، فإن الاقتصاديين ما زالوا يعتقدون أن ذلك مجرد أمر مؤقت، وأن النمو سيفوق النسق المعتاد هذا العام حيث يُجمع خبراء السوق بحسب معلومات جمعتها مؤسسة بلومبيرغ، على أن الاقتصاد الأمريكي سينمو بنسبة 2.8 في المائة في العام الحالي.
ورأى، أن تحقق تلك النسبة في ظل التقديرات الأولية لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، يتطلب أن ينتعش النمو إلى معدل سنوي قدره 3.8 في المائة في كل ربع من الأرباع الثلاثة التالية، وقد تكون هناك حاجة لمعدلات نمو أعلى بالنظر إلى الخفض المتوقع لتقديرات الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول.
وتوقع أن يتم خفض التوقعات، فضلا عن احتمال حدوث عمليات تصحيحية في الأسواق المالية التي تُسعر فيها معدلات النمو المرتفعة تلك ما لم يحدث انتعاش قوي في النمو ويثبت أن التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة أمر دائم.
وتساءل عن كيفية تأثير التباطؤ في اقتصاد الولايات المتحدة على قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن رفع أسعار الفائدة، مجيبا بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي وضع شرطين لرفع أسعار الفائدة، أولهما أن يشهد البنك مزيدا من التحسن في سوق العمل، والذي يعتبره مؤشرا أفضل للنشاط الاقتصادي على المدى القصير مقارنة بنمو الناتج المحلي الإجمالي، والثاني أن يبلغ بنك الاحتياطي الفيدرالي درجة معقولة من الثقة بأن التضخم سيصل إلى النسبة المستهدفة عند 2 في المائة على المدى المتوسط.
وأردف بقوله إن آخر توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي تشير إلى أن هذين الشرطين سيتحققان وسيتم رفع أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، منبها إلى أن هذه التوقعات صدرت في مارس 2015، قبل أن يظهر التباطؤ بشكل واضح ومن ثم يرجح أن يتعامل بنك الاحتياطي الفيدرالي بقدر أكبر من الحذر مع البيانات الاقتصادية لشهري أبريل ومايو قبل نشر التوقعات الجديدة في شهر يونيو، والتي من المتوقع أن تمهد الطريق لأي رفع لأسعار الفائدة في المستقبل.
وقال في هذا السياق إن أحدث بيانات التوظيف تشير إلى أن الشرط الأول الذي وضعه بنك الاحتياطي الفيدرالي على الأقل يسير في الطريق الصحيح حيث أضاف الاقتصاد 223 ألف وظيفة في شهر أبريل وهو ما يتوافق إلى حد ما مع متوسط الأشهر الستة التي سبقت مارس كما تراجع معدل البطالة إلى 5,4 في المائة مقتربا بذلك من تقديرات بنك الاحتياطي الفيدرالي لمعدل البطالة على المدى البعيد والتي تتراوح بين 5 و5,2 في المائة.