الدوحة- قطر
رجح بنك قطر الوطني QNB عدم زيادة المعروض العالمي من الغاز الطبيعي المسال بالمقدار المخطط له، لاسيما في ظل مجموعة من العوامل التي تهدد جدوى المشاريع الهادفة إلى ارتفاع المعروض العالمي منه.
وقال التحليل الأسبوعي الصادر عن QNB إنه من المنتظر أن يرتفع المعروض العالمي من الغاز الطبيعي المسال بشكل كبير من 245 مليون طن في عام 2014 إلى 297 مليون طن في عام 2017، خاصة وأنه قد تم استكمال ثلاثة مشاريع رئيسية مؤخرا، وهناك مشاريع قيد الإنشاء بطاقة انتاجية تفوق 100 مليون طن في السنة، إضافة إلى مشاريع أخرى قيد الدراسة تبلغ طاقتها الإنتاجية 600 مليون طن في السنة.
ووفقا للتحليل فتوجد مجموعة من العوامل التي تهدد جدوى العديد من هذه المشاريع، ليس أقلها الإنهيار الأخير في أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي المسال ، لاسيما وأنه عادة ما يتم ربط أسعار الغاز الطبيعي المسال للعقود طويلة الأجل بمؤشرات النفط الخام.
ولفت التحليل إلى أن دولة قطر في وضع جيد للمنافسة حتى مع الزيادة المتوقعة في العرض، فإنتاجها من الغاز الطبيعي المسال هو الأقل تكلفة في العالم، وتتمتع سلفا بحصة نسبتها 31 بالمائة من السوق العالمية (74 مليون طن في عام 2014)، وتبيع معظم غازها بعقود طويلة الأجل، وهو ما يضمن استقرار العرض.
ونوه التحليل إلى أن المشاريع العالمية الثلاثة الكبرى التي تم استكمالها مؤخرا واجهت بعض الصعوبات، فقد تم في 2015 استكمال مشروع ولاية كوينزلاند كورتيس في أستراليا للغاز الطبيعي المسال ذي الطاقة الإنتاجية البالغة 8ر5 مليون طن في السنة وذلك بعد تأخيرات كبيرة، كما أن المشروع الذي تم استكماله في الجزائر بطاقة انتاجية تبلغ 7ر4 مليون طن في عام 2014 يعمل بنسبة 50 بالمائة من قدرته الإنتاجية بسبب النقص في مدخلات أساسية. وتم استكمال منشأة جديدة في بابوا غينيا الجديدة بقدرة إنتاجية تبلغ 9ر6 مليون طن في السنة في عام 2014، كما بدأ الانتاج في عام 2015 في منشأة جديدة في اندونيسيا بطاقة انتاجية تصل إلى 2 مليون طن في السنة.
ولفت التحليل الأسبوعي لبنك قطر الوطني إلى أن هناك حاليا 16 مشروعا للغاز الطبيعي المسال قيد الإنشاء من شأنها إضافة حوالي 12 مليون طن في عام 2016 وحوالي 33 مليون طن في عام 2017، كما أن أستراليا والولايات المتحدة قد تضيفان القدر الأكبر من الطاقة الإنتاجية، فقد حققت أستراليا اكتشافات كبيرة للغاز الطبيعي خلال العقد الماضي واستثمرت بشكل كبير في الغاز الطبيعي المسال- لديها حاليا مشاريع قيد الإنشاء بقيمة 180 مليار دولار أمريكي وبإجمالي طاقة إنتاجية تصل إلى 60 مليون طن في السنة، كما أن الولايات المتحدة تعكف حاليا على بناء منشئات لإنتاج 50 مليون طن في السنة بعد ثورة الغاز الصخري التي حولت الولايات المتحدة من مستورد كبير للغاز الطبيعي إلى مصدر له قريباً.
ونتيجة لذلك، يتم حالياً تحويل عدد من المنشئات التي كان قد تم تصميمها كمحطات لاستيراد الغاز الطبيعي المسال إلى منشئات للتصدير، كما يُتوقع خلق طاقة إنتاجية إضافية من ماليزيا (8ر4 مليون طن في السنة في الفترة من 2015 حتى 2016) وروسيا (5ر16 مليون طن في السنة في الفترة من 2017 حتى 2019).
ومن غير المرجح أن يتم إيقاف المشاريع التي هي قيد الإنشاء، فلدى هذه المشاريع مسبقاً التزامات طويلة الأمد من المشترين للغاز الطبيعي المسال، كما أن متوسط السعر التعادلي لها يقدّر بحوالي 50 دولار أمريكي للبرميل، وهو ما يعدّ مقبولاً بالكاد في ظل الأسعار الحالية، بيد أن التقرير توقع حدوثبعض التأخير في تواريخ استكمال هذه المشاريع بسبب تعقيداتها وتكاليفها المتصاعدة بالإضافة إلى المشاكل المتعلقة بالتنظيم والترخيص.
وعلاوة على المشاريع قيد الإنشاء، هناك العديد من المشاريع قيد الدراسة بما في ذلك مشاريع مقترحة بطاقة إنتاجية تبلغ حوالي 600 مليون طن في السنة، منها مشاريع ذات طاقة انتاجية تصل إلى حوالي 260 مليون طن في السنة لا تزال في المرحلة الأولية للتخطيط والتصميم.
ومن المرجح أن القليل فقط من هذه المشاريع تعتبر قابلة للتنفيذ في ظل الظروف الحالية، وذلك لعدة أسباب. أولاً، يقدّر متوسط السعر التعادلي لهذه المشاريع بحوالي 70 إلى 80 دولارا أمريكيا للبرميل، أي أعلى بكثير من مستويات السوق الحالية، وثانياً، يُتوقع أن تصبح الصين المصدر الرئيس لنمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال في المستقبل، ولكن بإمكان المخاوف المرتبطة بتباطؤ اقتصادها أن تقوّض التوقعات بشأن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال.
أما ثالثاً، فقد زادت تكاليف الإنشاء بأكثر من الضعف في الفترة من 2007 حتى 2013 مقارنة بالفترة من 2000 حتى 2006، حيث كان ارتفاع تكاليف العمالة في قطاع النفط والغاز الأمريكي مشكلة رئيسية في الولايات المتحدة، ورابعا فيشير العدد الكبير من منشآت الغاز الجديدة التي هي قيد الإنشاء حالياً إلى أن السوق سيشهد على الأرجح فائضاً في المعروض حتى 2020 على الأقل مما لا يشجع على الموافقة على المشاريع التي هي قيد الدراسة، وخامساً، لا يرغب المشترون بالدخول في عقود طويلة الأجل في بيئة السوق بالوقت الحاضر، فالأسعار الحالية للغاز الطبيعي المسال منخفضة وآخذة في التراجع.
وبدون وجود عقود غاز طويلة الأجل لن تتمكن مشاريع الغاز الطبيعي المسال الكبيرة من إيجاد التمويل على الأرجح، وهو ما سيجعل إكمال هذه المشاريع أمراً صعباً، وقد قامت بعض الشركات بالفعل بإلغاء بعض مشاريعها. فعلى سبيل المثال، ألغت شركة رويال داتش شل مشروع “أرو” في أستراليا والذي تبلغ قيمته 20 مليار دولار أمريكي في مطلع العام الحالي، وأرجأت شركة وودسايد قراراها بشأن تنفيذ مشروع “براوز” العائم لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في أستراليا من 2014 إلى 2016.
وفي ظل هذه الظروف، نتوقع أن يتم إطلاق عدد قليل فقط من مشاريع الغاز الطبيعي المسال في المدى القريب. ويكتمل تشييد مشاريع الغاز الطبيعي المسال عادة في فترة تتراوح بين 4 إلى 6 أعوام، لذلك فإن إرجاء تشييد المشاريع الجديدة خلال العام أو العامين القادمين من شأنه أن يقود إلى تماسك أسواق الغاز الطبيعي المسال في مطلع العقد الثالث من القرن الحالي.
وبإيجاز، يُتوقع أن تزداد السعة الانتاجية للغاز الطبيعي المسال بسرعة لغاية حدود 2020، الأمر الذي سيقود إلى وفرة في المعروض، وهو ما سيؤدي بالتالي إلى تراجع الأسعار ، وتعتبر دولة قطر في وضع قوي مقارنة بالمنتجين الجدد وذلك بفضل أسعارها التنافسية والعقود طويلة الأجل التي أبرمتها سابقاً، وفي المدى الطويل، قد يؤدي التوقف الراهن عن تشييد مشاريع جديدة للغاز الطبيعي المسال إلى تماسك الأسواق مع تزايد الطلب.